الثلاثاء، 9 مارس 2010

زاوية (جداريات) / عن كتابة الكاتب لأخباره بنفسه



عن كتابة الكاتب لأخباره بنفسه

د.محسن الرملي

يُعيب بعض مثقفينا على بعض آخر وينتقدونهم (وراء ظهورهم) طبعاً، أي يغتابونهم، بكونهم يُروجون لأنفسهم ويكتبون أخبارهم الشخصية وأخبار نشاطاتهم وإصداراتهم بأنفسهم ثم يبعثون بها إلى الصفحات والمنابر الثقافية. ومن أخف تعبيراتهم التي يستخدمونها في (نقدهم) هذا هي كلمة (عيب!) فيما تتصاعد حدة التعبيرات الأخرى حد التجريح والتتفيه. وفي رأيي أن هذا السلوك هو ظلم آخر يأتي من زميل الفن والهم مضافاً إلى صنوف الظلم الأخرى الواقعة على مبدعينا سواء ما كانت متعلقة بهدر حقوقهم وتهميشهم وصولاً إلى قمعهم وابتزازهم واضطهادهم من قبل التاجر والسياسي ورجل الدين والناشر والمُعرِض عن القراءة وغيرهم بما في ذلك العائلة أحياناً ومن أصحاب مهن وأفعال مخجلة. والغريب أن هذا يكاد يحدث مع المبدع أو المنتج الثقافي أو الأديب دون سواه من بين آلاف الاختصاصات الأخرى، فلا أحد يعيب على السياسي الترويج لسياسته وأخباره حتى (السوفوية/.. من سوف!) أي التي لم تحدث حتى الآن وربما لن تحدث أبداً، ولا على رجل الدين الترويج والدعوة لأفكاره ولا مطرب لأغانيه ولا طبيب لعيادته ولا أي تاجر لبضاعته. فما العيب إذاً في أن يسعى الكاتب للترويج لبضاعته التي هي الكتابة؟ مادام الناشر لم يُحرك ساكناً بعد أن استلم تكلفة الطباعة سلفاً ربما، وما دام الناقد لا يبحث بنفسه وينتظر أن تصل إليه نسخته مجاناً مع عبارات التبجيل، وما دمنا نفتقر في وسائل إعلامنا إلى صحفي متخصص ومحترف لتغطية أو متابعة أو (مطاردة) الخبر الثقافي، فيذهب إليه بنفسه ويعمل الأعاجيب كي يأتي بالخبر من قلب الحَدث كما يفعل بقية الصحفيين من ذوي الاختصاصات الأخرى بما فيهم المختصين بالحروب وبالبورصات وبالجرائم أو فضائح (النجوم!) فيما يجلس (الصحفي) المسؤول عن الصفحات الثقافية في مكتبه وينتظر أن تأتيه الأخبار لينتقي منها لاحقاً ما يتناسب ومزاجه أو حجم الفراغ الباقي في الصفحة. ولأكثر من مرة شاهدت الكتب التي يبعث بها أصحابها إلى مكاتب مسؤولي الصفحات الثقافية تتراكم على المكتب والكراسي وعلى الأرضية تحت قدميه وفي الزاوية قرب سلة المهملات أو فيها، دون أن يكلف نفسه مجرد تصفحها وأحياناً لا يقرأ الإهداء حتى. فيكتفي بنشر تلك الأخبار التي صاغها صاحب الكتاب أو ناشره وأرفقها مع النسخة. هذا أيام الورق، أما الآن فإن لم تصله الأخبار مصفوفة وجاهزة على (الووردWord /..مثل الوَرد) فلن يكلف نفسه حتى بنقلها من الورقة، وسيكتفي بقطع ولصق أي خبر آخر يجده في صفحات الإنترنيت. إذاً كيف نعيب على كاتب يخبرنا بأنه قد أصدر كتاباً، وهو قد أمضى بالاشتغال عليه لأكثر من عام في أقل التقديرات؟! لماذا من حق أصحاب المهن الأخرى أن يرفعوا الأصوات ويستخدموا الإعلانات بل ويوقفونا في السوق ليخبروننا عن بضاعتهم، فيما ننتقص من الكاتب الذي يصيغ خبراً قصيراً، وأحياناً حتى على استحياء، عن كتاب أصدره؟ أليس من المفروض أن نرفع أصواتنا مع صوته وأن نهنئه ونشجعه أو على الأقل تقديم الشكر له على ما فعل وعلى إخبارنا عما فعله؟ أما إذا بخلنا عليه حتى بكلمة الشكر هذه، فعلى الأقل، لنقل خيراً أو لنصمت.
أصدقائي وزملائي الكُتاب أرجوكم أن تخبروننا بما تنتجون وعن جديدكم من الكتابة والإبداع، ولكم الشكر مضاعفاً على وقتكم وجهدكم في الكتابة ومن بعدها جزيل الشكر على إخبارنا بذلك.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*نشر في زاوية (جداريات) في الملحق الثقافي لصحيفة (الثورة) السورية بتاريخ 9/3/2010 العدد 682

ليست هناك تعليقات: