الخميس، 27 يناير 2011

محسن الرملي .. في العراق / أيهم العباد

محسن الرملي :
"في العراق شعراء أكثر من الشرطة
ودواوين أكثر من الصواريخ"




أيهم العباد
/ تكريت: واب


ضيّف قصر الثقافة والفنون في صلاح الدين مؤخراً، الشاعر والأديب الدكتور محسن الرملي، القادم من مدريد في زيارة عاجلة للوطن بعد 17 عاما من الغربة. وكان الرملي قد غادر العراق في منتصف التسعينات من القرن الماضي لأسباب سياسية أحاطت بعائلته، حيث كان يقطن في قرية (سُديرة) التابعة لمدينة الشرقاط، مسقط رأسه. وافتتحت الأمسية بقراءة مطولة لسيرة الرملي الذاتية والأدبية، استعرضتها الكاتبة رشا فاضل معقبة عليها بشذرات أدبية تحاكي رحلة الضيف المحتفى به وعوالمه ومنجزاته، تلت ذلك قراءات شعرية ونقدية موجزة لنضال العياش وعزاوي الجميلي وعبدالله محمد رمضان ود. رمضان علي عبود. ولم يتحدث الرملي كثيراً عن تجربته الإبداعية، فقد خصص جل حديثه لذكرياته في العراق وانطباعاته حول ما شاهد من خراب عند عودته مستذكراً صور الدمار وصور الإنسان العراقي في منفاه، ومن بين ما قال: "عندما سُئل ماركيز، لماذا تكتب؟ قال: أكتب لكي يحبني أصدقائي أكثر. 17 عاماً وأنا أتحدث عن العراق، لأن الأدب نقل للحقيقة أكثر من الصحافة، إلا أن تأثيره بطئ وفاعل عكسها، فهي سريعة ومفعولها سريع، واليوم أبكيتموني يا أهلي، إنها الجائزة العظمى والأجمل منكم. لم انسَ عراقيتي، وهموم وطني هي دافعي للكتابة ويؤلمني مايحدث للإنسان العراقي، ففي العراق شعراء أكثر من الشرطة ودواوين أكثر من الصواريخ، وفي العراق عائلة مذهلة، وأي متر نحفره في أرض العراق نجد حضارة، فتنور أمي الطيني تحفة وعالم كامل، والحزن العراقي حضارة أيضا، لأنه أكثر أصالة من الفرح؛ لذا كان كلكامش حزينا في بحثه عن الخلود إذ لم يستطع أن يصير إلهاً. وعندما تذهبون إلى بلدان العالم، ستجدون للعراقي كاريزما خاصة ترفع الرأس. عندما أتحدث عن العراق، أتحدث عن نفسي، وسأتحدث عنكم أيضاً عند عودتي إلى إسبانيا؛ لان في كل واحد منكم أسطورة، سأعود وأنا أكثر قوة وثقة واطمئناناً على العراق، وأطالبكم بالكتابة.. لنكتب عن همومنا وعن أحلامنا ونلونها لتصبح حقيقة، إذ لايوجد بلد مثل العراق يهتم بالشعر، ومع ذلك؛ نحن بحاجة إلى كتابة الرواية، ففي حياة كل منا رواية وحكاية وقصة.. بل روايات".
الفقرة الأخيرة من الأمسية، كانت حافلة بمداخلات الحضور، واختتمت فعالياتها بقصيدة مطولة للشاعر سعد جرجيس.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*نشرت في (وكالة أنباء البعد الرابع) بتاريخ 20/1/2011م.

الاثنين، 17 يناير 2011

احتفاء بـ محسن الرملي / نوفل الفضل

احتفاء بـ محسن الرملي
نوفل الفضل

1- ثانية يجيء الرملي
من يصدق انه هنا ومن يصدق انه معنا الان ذلك الكبير في كل شي، ثانية يجيء محسننا، ثانية يجيء حسيننا.. جرحنا وكربلاؤنا، اليوم عاد حبيبي اليوم عاد إلينا وبراءة الاطفال في عينيه حاملا لنا (عرانيس) حسن مطلك وبدائية شاهين وحكايا (دابادا) ومسحة الحزن في ربابة احمد الصويلح عاد ليقص لنا حكاية إسماعيل العبد الله وحماره الهزيل الذي يلكزه بقسوة ويمضي ليسبق عالمه ... عاد إلى سفوح (مكحول) الجبل الحزين الذي استمد اسمه من صفاته (مكحول يجثم غرباً) عاد الينا من برشلونه ومن ريال مدريد، عاد ليربط لنا بين كافكا وبين إبراهيم حسن ناصر وبين ماركيز ومحمود جنداري وبين فلسفة فولتير وفلسفة حسن جار المسعود، عاد لكي يعترف لنا بان فصاحة العربية وبلاغتها والجناس والطباق في (الزهيري) ذلك اللون العجيب من الشعر الشعبي الذي ينتعش في قضاء (الشرقاط) قد عجزت عن ترجمته كل قواميس العالم ليبقى متفردا وخالداً الى أبد الابدين .

2- اليك ياشبيهي
قد اكون مغرورا عندما انعتك بشبيهي، فهي صفة لا اطولها حتى في الاحلام ولكن تواضعك الجم يغريني بالعصيان كي انعت روحي واصفها بانها تشبهك
انت شبيهي
ببشرتك السمراء
انت شبيهي
بصمتك الرهيب
أنت شبيهي
بخلطك الجد بالهزل
أنت شبيهي
وأنت تقول: (طالما كانوا يسالونني هناك لماذا كتب النكد والشقاء على شعب العراق؟ فكنت اقول لهم قد سالت أمي هذا السؤال فقالت لي: "لان ابليس مولود في البصرة").
فانت هنا شبيهي
بسيجارة الغلواز الاصفر
أنت شبيهي
بولاعتك الصفراء أيضاً
أنت شبيهي
بحزن العميق الذي يضيف إلى سمتك الوقار والهدوء والجمال
أنت شبيهي
بحروفك المنقاة فأنت لاتتكلم الا لتقول
أنت شبيهي
بحنانك الى امك
أنت شبيهي
بحبك للأدب وتفانيك من أجله
أنت شبيهي
بشعورك ليلة سقوط بغداد
حيث تقول: (فقدت الشعور حينها، هل تصدقون اذا قلت لكم: كنت كخشبة تبكي)
أنت شبيهي
وهناك الكثير الكثير ولكن هذا ما استطعت ان اقتفشه من ذلك اللقاء السريع
والذي أخشى بأنه لن يتكرر مرة أخرى
جميل ان اعيش على الذكريات فالمعايشة تقتل الحلم وتغتال قداسة الاشياء
وأخيرا أهديك هذه القصيدة للدكتور مانع سعيد العتيبه:

لماذا إلى حضن أمي أرد ..... إذا ضاع سعي وأخفق كد
أما زلت طفلا أمْ الأمُ تبقى ...... ملاذ أخيرا إذا جد جد
حنانك أمي فأني تعبت ....... ومن ناظريك القوي أستمد
خذيني اليك ولا تسأليني ....... لماذا ؟؟لأن السؤال يهد
وحين تضمين رأسي سأبكي .. فحزني شديد وصبري أشد
بربك لا تسأليني لماذا .......... فأسباب همي أنا لا تعد
تعلمت منك الرضى بالقضاء .... إذا ما أتانا بما لا نود
شحذت على صخرة الصبر سيفي .. ولكن سيف القضاء أحد
أُصبت بأكثر من ألف جرح .......وكنت لأبواب ضعفي أسد
وما قلت آه أذا جد جرح ..........وفي كل يوم جراحي تجد
تعلمت منك بأن الأماني ............ تظل سرابا لمن لا يكد
وأن حياة الخنوع جحيم ............فعشت أحارب من يستبد
وحققت ألف إنتصار ولكن ..........خضم المعارك جزر ومد
وها أنا ذا عدت يا أمي طفلا ........إليك فصدرك عطف وود
ومالي سواك يكفكف دمعي .........وعني سهام الهموم يصد
حرصت على العهد أمي كثيرا ......فما من رحيلي الى العز بد
ولا تحسبي أن بأسي تداعى .........فلي همة بحرها لا يحد
تعبت وأرغب أن أستريح .........ومن قال لا يستريح المجد
خذيني وضمي لصدرك رأسي ..... فما لك فى الحب ياأم ند
إذا أغرقتني هموم الحياة ..........وجدت يد الأم نحوي تمد

الكلام يطول وانا بانتظارك..
---------------------------------------------------------------
*نوفل الفضل: كاتب عراقي، من ناحية العلم alnawfal2@yahoo.com

الأحد، 16 يناير 2011

قصيدة / هدية من: د.عزاوي الجميلي

قصيدة

فارس النور

د. عزاوي الجميلي

إلى الدكتور محسن الرملي..
إلى عبدالرحمن الداخل.. الذي فر من سيوف بني العباس وأسس خلافة الأدب في الأندلس..


وشيت به للعطر والنور حارسه
ولاحقته... قلبي حطام وساوسه

مشت فوق آثار الحروف لأرضه
التي كان يبنيها وصرت أخالسه

بلاد من الابداع أدنى تخومها..
سرور فلا يحتاج للحظ بائسه..

يجوب بها سعيا على الريح أشهب
أصيل به قد أتعب الليل فارسه

فسار من (الوسطى) تأبط شعلة
من الشمس (دابادا) هناك تؤانسه

مرورآ إلى (العليا) مرور معلم
تعالت بوجه الليل فيها مدارسه..

رجوعا إلى الأولى إلى (طقطق) التي
تدرج فيها أكحل الطرف ناعسه.

نزولا إلى (السفلى) التي بعض عشقها
كدين جديد في الخفاء تمارسه

أولاء (سديرات) الجمال ومن هما..؟
هما النور إذ تسمو فخارآ مقابسه

هما حسن يمشي بأكناف محسن
فهل بعد هذا الحسن حسن ينافسه

قرأتهما ظلآ على أرض حسرتي
يشاكسني آنآ... وآنآ أشاكسه

يطوف به ظل من الباشق اشتفى
بقلب حبا حبآ لمن لا يجانسه.

فقهقه في أورا بقوة ضحكة
على رجعها تهوي بخوفي متارسه

تجالسني في أول الدرب فكرة
ويأسرني نص جميل أجالسه

يبين أن الحب حالة ركضنا
على حائط الآلام والقلب حابسه

كأني في بحر من الحسن مبحر
أتت دون مجهود إلي نفائسه

وأنت إذا كنيت فالداخل الذي
هو الند للأمر العظيم.. وسائسه

ترمم في الحمراء مجدآ مضيعآ
لترفل بالفن الأصيل مجالسه

هنالك في الفردوس إذ ضاع صوتنا
ستعلو من الإبداع فيك دوارسه.

---------------------------------------------------------------
*العليا والوسطى والسفلى وطقطق هي اسماء قرى في منطقة سديرات التي ولد وترعرع فيها الأستاذ محسن الرملي وشقيقه المرحوم حسن مطلك.
*(دابادا) و (ظل الباشق) و(قوة الضحك في أورا) هي من أعمال الراحل حسن مطلك.
‏*الفردوس المفقود هي بلاد الاندلس.
----------------------------------------------------------------------
*ألقيت في الاحتفائية بـ(محسن الرملي) التي أقامها القصر الثقافي في محافظة (صلاح الدين) بتاريخ 10/1/2011، كما نشرت في (النور) بتاريخ 7/1/2011م.

زاوية (جداريات) / .. عن التكنولوجيا الأدبية


.. عن التكنولوجيا الأدبية


د.محسن الرملي

ها هو فريق من الأكاديميين والشعراء والخبراء الألكترونيين تابع للعملاق (غوغل) يضع اللمسات الأخيرة على برنامج خاص بترجمة الشعر يسعى من خلاله لأن تكون هذه الترجمة على أعلى قدر من الدقة والشعرية، كما يتيح إمكانيات اختيار كثيرة لانتقاء العبارات والمفردات والأوزان الشعرية، بحيث يمكنك أن تضع أي نص لك فيه وهو سيقترح عليك العديد من التعديلات والأوزان والقوافي الشعرية الأنسب له، وصرحوا بأن التجارب الأولية قد جاءت مُرضية وسوف يطلقونه على الشبكة قريباً.
تُرى ما قول الذين لا زالوا يصرون على أن الشعر الخالي من الوزن والقافية ليس شعراً وعلى أن الشاعر الذي لا يتقنهما ولا يعرف بحور الشعر ليس بشاعر؟!.
ثمة برامج أخرى سبق طرحها لصناعة الرواية، تلقمها أنت المعلومات الخاصة بالشخصيات والمكان والموضوعة الرئيسية وغيرها وهي تتبنى الشغل مقترحة عليك عشرات الفرضيات والصيغ والأوصاف، برامج أخرى خاصة بالنقد، تتبنى هي تفكيك النص إلى عناصره الرئيسية وتقدم لك عبارات ومصطلحات نقدية متعددة تناسب كل عنصر، ولن نستبعد وجود برامج مزودة بقواعد المدارس والمناهج النقدية كي تختار أنت المنهج الذي تشاء تطبيقه على النص، أما عن (النقاد) الذين عادة ما يكتفون بالتلخيص، فهذا (الشغل) قد انقرض أصلاً لأن هناك ممن يحترفون هذا ولهم وظائفهم الواضحة في مكاتب الوكلاء الأدبيين ودور النشر والصحافة دون أن يسموا أنفسهم نقاداً، عدا وجود برامج ألكترونية تطور نفسها بهذا الشأن.. إذاً، يبدوا بأن كل القواعد والتقاليد التي راكمناها على مر العصور ولقناها لأجيال بصيغ تدريسية مبرمجة قد صار بالإمكان إلقامها لبرامج ألكترونية فعلاً وهي تتولى الأمر بلحظات، لأن كل ما يمكن تقنينه وتلقينه يمكن برمجته.
لقد حدثت الثورة في الفن التشكيلي عندما ظهرت الكاميرا وصارت تتفوق على الرسام في رسمه للمنظر الطبيعي الواقعي فراح يتحداها ويلجأ للتجريد والتجريب والسريالية والتكعيبية وغيرها مما تعجز الكاميرا عن التقاطه، وحين صار بإمكان برامج الكمبيوتر أن تحوّل حتى الصور الواقعية إلى أسلوب ومدرسة الفن الذي تشاء، عاد الفنان ليوظف إمكانياتها اللامحدودة في التصوير والتحوير لصالح عمله، كما حدث وأن شاهدنا في الدورات الأخيرة من أكبر المهرجانات العالمية للفن كمهرجان (آركو) في إسبانيا.. فماذا عن الأدب؟ والذي سعى لأن تكون الرواية (مثلاً) أكثر من مجرد حكاية بعد أن ظهرت السينما، وتكفلت الصحافة ببقية الحكايات. حتماً إننا بحاجة إلى وقفة تأمل والبحث عن طرق وأساليب إبداعية جديدة دائماً كي نبقي على الإبداع إبداعاً بالفعل، ولأنه كذلك فلا أظن بأنه سيصل إلى نقطة سيتوقف عندها أو أن تعجز القريحة الإنسانية عن الابتكار وعن تجاوز نتاجات الأجهزة التي هي الأخرى من نتاجها. هنا تبرز عظمة الأدب والشعر وإنسانيتهما.. وبالتالي عسر وتعقيد تعريفهما، فما موقف بقية فلول جيوش التلقين والتلقيم وهم يقيسون النصوص بالأوزان والقوافي والأخطاء الإملائية والتعاريف المدرسية.. وغيرها؟. إن الميدان يتغير وهو في حراك لا يهدأ، وما هذا الذي نشهده إلا مقدمة لفيضان تكنولوجي أشمل.. لذا أستغرب جداً أن ألتقي اليوم بأصدقاء أُدباء يواصلون العناد ويرفضون.. بل حتى يهاجمون استخدام البريد الألكتروني والنشر الأكتروني والمدونات والفيسبوك والهاتف المحمول.. وسواها.. ترى ما الذي يفترض بي أن أقوله لهم؟؟!.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*نشرت في زاوية (جداريات) في الملحق الثقافي لصحيفة (الثورة) السورية، بتاريخ 4/1/2011 العدد 722