السبت، 1 يوليو 2017

عن: تمر الأصابع / محمد مسلم

تمر الأصابع .. هذه رواية ممتازة
أبدع الكاتب في البداية وفي النهاية
محمد مسلم
هذه رواية ممتازة .. محاولتي الأولى مع الكاتب العراقي محسن الرملي وكانت رائعة ...كُتبت تلك الرواية باللغة الاسبانية أولا ثم ترجمت إلى اللغة العربية وكانت في القائمة الطويلة لجائزة البوكر عام 2010.
في تلك الرواية، قبل أن أتحدث عنها أريد أن أشير اإلى شيئين لم أتحدث عنهما من قبل في تقيمي لأي عمل أدبي:
الشيء الأول: هو بداية العمل الأدبي ... البداية هي مفتاح الكاتب لجعل القارئ يدخل عالم روايته لذلك وجب عليه أن يقوم ببراعة الاستهلال وهذا لا يحدث كثيرا ..
أشهر الأمثلة لبراعة الاستهلال في العمل الأدبي على سبيل المثال ( ماتت أمي اليوم أو ربما الأمس لا أدري ) بداية رواية الغريب لالبير كامو
مثال آخر (استيقظ جريجور سامسا ذات صباح بعد أحلام مزعجة ، فوجد نفسه قد تحول في فراشِه إلي حشرة هائلة الحجم) بداية رواية المسخ لكافكا
هذه البدايات الصادمة هي من تجعل مفتاح الولوج لداخل العمل الأدبي قويا ومبني على أسس ممتازة
حدث ذلك هنا معي في بداية هذه الرواية لمحسن الرملي حيث كانت بداية العمل (ما كنت لأكتب قصة أهلي وأفضحهم لولا تشجيع أبي لي وهو يحلق شعر رأسي في مرقصه المدريدي قائلا: اكتب ما تشاء فلن يحدث أسوأ مما حدث ..هذا العالم جايف).
أرى هذه البداية صدامية متجردة ممتازة للغاية في أول العمل حيث تحفز القارئ لمعرفة ما سيكتب الكاتب فيما بعد في ذلك العمل
أما عن الرواية فتتحدث الرواية عن قصة تتابع الأجيال ..الجد ..الأب ..الحفيد
الجد هو رمز لكل ما هو قوي وراسخ وعتيق ..يسمع الأب كلام الجد دون أي اعتراض حتى أنه يضع على نفسه وعدا قبل أن يموت الجد يقلب حياته كلها رأس على عقب
الأب هو الخليط بين البالي العتيق والحداثة .. التأخر والتقدم ..يستمع الى كلام والده ولكن عندما مات الوالد أصبح يبحث عن الحرية والتحرر في كل شئ
الابن هو الحداثة ..هو العصر الجديد ..الهروب من رحم التأخر إلى بلده التحرر ..الهروب من العراق إلى إسبانيا حيث التحرر والانطلاق
الرواية هي تجسيد للصراع الدائم ..صراع الهوية ..صراع الشعب مع الدولة وظلم الحاكم للمحكوم حيث انهم في يوم واحد ارسلو للقرية التي يتزعمها الجد 17 جثة من خير شبابها
والأب لا يحب ذلك الوطن فيقول للابن ..الوطن مثل الحب نختاره نحن وليس فرضا علينا ..هو يحب التحرر ولكن الوعد الذي قطعه لأبيه قبل أن يموت قيد في رقبته يجب أن يوفيه
الشئ الآخر: الذي كنت أريد الحديث عنه في الرواية هو النهاية فمثلما كان هنالك براعة الاستهلال يجب ان يكون هنالك براعة في الخاتمة .. هناك نهايات تعلق في الذاكرة وهنالك نهايات تنسى سريعا واكثر ما يتذكره القارئ دائما في أي رواية هو نهايتها لهذه وجب حسن الخاتمة للعمل وهذا ما حدث هنا
كيف أبدع الكاتب في النهاية ؟!
ببساطة شديدة يجب توافر نقطة انقلاب في العمل الأدبي كي يظل الصراع مشتعلا في العمل... الابداع الذي قام الكاتب به هنا هو أن يجعل نهاية العمل هي نقطة الانقلاب ..فعندما تقرأ تلك الرواية إن اغفلت آخر سطرين منها تكون في ذهنك نهاية معينة وإن لم تغفل تلك السطرين تغيرت معالم الرواية في ذهنك على الاطلاق وهذا هو سر إبداع الكاتب.
عمل ممتاز يستحق القراءة
التقيم العام 4 نجوم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*محمد مسلم: كاتب مصري، من أعماله: كلام في الكتب.
                               محمد مسلم

ليست هناك تعليقات: